نخبة بوست – محرر الشؤون السياسية
في ظل التطورات المتسارعة على الساحة السورية، تبرز تساؤلات حول مستقبل النظام السوري وقدرته على الصمود أمام التحديات المتزايدة,
فمع تقليص الدعم الروسي وانشغال حزب الله في لبنان، إلى جانب التحركات الميدانية لهيئة تحرير الشام وتبنيها أساليب جديدة في السيطرة، يُطرح السؤال: هل نحن على أعتاب تغيير جذري في المشهد السوري؟ وهل يمكن أن نشهد استبدال النظام الحالي عبر مفاوضات دولية، خاصة في ظل الحديث عن مبادرات سياسية تستند إلى قرارات أممية مثل القرار 2254؟
وما هو الدور المتوقع للأطراف الإقليمية والدولية في هذا السياق؟ هذه التساؤلات وغيرها تتطلب تحليلًا معمقًا لفهم الاتجاهات المحتملة للأزمة السورية.
أبو نوار: الانهيار الحاصل للنظام السوري غير مسبوق؛ والطريق إلى دمشق مفتوح أمام التحولات الكبرى
وفي هذا الصدد، قدّم الخبير العسكري اللواء المتقاعد مأمون أبو نوار، في تصريح خاص لـ“نخبة بوست”، قراءة تحليلة عن الوضع الراهن في سوريا بتفصيل عميق، مشيرًا إلى أن “الانهيار الحاصل للنظام السوري لم يكن متوقعًا وغير مسبوق”.
وذكر أن النظام كان مدعومًا بشكل رئيسي من حزب الله والقوات الروسية، ولكن تراجع هذا الدعم لأسباب متعددة، منها انشغال حزب الله بالصراع في لبنان وتقليص وجود القوات الروسية في دمشق.

هذه التغيرات تمثل صفعة قوية للاستراتيجية الإيرانية الإقليمية التي لم تحقق مكاسب كبيرة بل خسرت بشكل استراتيجي
وأشار أبو نوار إلى أن الطريق إلى دمشق الآن مفتوح، بعد محاصرة مدينة حمص من ثلاث جهات، مما يثير تساؤلات حول إمكانية سقوط النظام في ظل هذا الوضع.
كما تساءل عما إذا كانت هيئة تحرير الشام، التي أظهرت استعدادها للسيطرة على الأرض، قد تتبنى نموذج حركة طالبان، خاصة مع توسع سيطرتها وقدرتها على فرض استقلالية حتى عن تركيا، التي تعد داعمًا رئيسيًا لها.

وتحدث أبو نوار عن أن الجهود التركية لتحقيق المصالحة مع النظام فشلت وأدت إلى منح الضوء الأخضر لتحركات الفصائل المعارضة، مضيفًا أن السوريين لم يجنوا أي فوائد من سياسات خفض التصعيد التي نفذت في السنوات الأخيرة.
النظام قصف مناطقهم بشكل مستمر، ولم تقدم لهم هذه السياسات أي تحسين في أوضاعهم المعيشية
وأكمل أن الوضع على الأرض يعكس حالة إحباط وتردد بين الجنود النظاميين، مع تراجع الروح المعنوية، مما أدى إلى انهيار خطوط الدفاع.
في الساعات المقبلة، قد نشهد تحرك اللواء الثامن، الذي شكلته روسيا قرب الحدود الأردنية، نحو دمشق، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تغيير جذري في المعادلة العسكرية والسياسية
وتطرق إلى الموقف الدولي، مشيرًا إلى أن الحل السياسي هو الخيار الأمثل لتجنب العنف المستقبلي؛ مؤكداً على أن تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي يشمل انتخابات ودستورًا جديدًا تحت إشراف دولي، يمكن أن يكون السبيل الوحيد لإنقاذ سوريا.
لكنه لفت إلى أن استبدال النظام الحالي يظل موضوعًا حساسًا ويتطلب توافقًا دوليًا بين روسيا وتركيا وإيران والولايات المتحدة.
وفيما يتعلق بالمشهد الإقليمي، قال أبو نوار إن إيران تعرضت لضربة قوية بسبب خسائرها الاستراتيجية في لبنان، مع تأثير النزاع على حزب الله وانقطاع الجسر البري الذي يربط إيران بلبنان عبر سوريا.

هذه التطورات أثرت بشكل كبير على الاستراتيجية الإيرانية وعلى نفوذها في المنطقة
وأكمل حديثه بالإشارة إلى أن القوات المعارضة، مثل هيئة تحرير الشام، طورت هياكلها التنظيمية بشكل ملحوظ وتبنت أساليب جديدة لإدارة المناطق التي تسيطر عليها، مثل إعادة تشغيل شبكات المياه والكهرباء.
هذا النهج الجديد قد يمنحها مزيدًا من الشرعية والسيطرة في حال استمر تقدمها على الأرض
وختم أبو نوار بالقول إن الوضع في سوريا يتطلب تحركًا سريعًا لتجنب انهيار شامل، مشيرًا إلى أن إيران وروسيا وتركيا قد تضطر إلى إعادة تقييم استراتيجياتها في ظل هذا التحول الجذري في المعادلة.