نخبة بوست – محرر الشؤون السياسية
صرّح أستاذ العلوم السياسية د. بدر ماضي بأن اتفاق وقف الحرب على لبنان ستكون له تداعيات كبيرة على المستويات الداخلية والإقليمية والدولية.
وأوضح ماضي، في تصريح خاص لـ “نخبة بوست”، أن هذا الاتفاق من شأنه تقويض قوة حزب الله داخليًا، ووضعه في إطار وطني لبناني أكثر من كونه حزبًا يمتلك نفوذًا على حساب عوامل داخلية، مشيرا إلى أن أبرز هذه العوامل تتمثل في استقرار الوضع الداخلي اللبناني، وتعزيز دور القوى السياسية الأخرى في المشهد اللبناني.
حزب الله يواجه خيارًا استراتيجيًا “صعبًا”
على صعيد متصل؛ أشار ماضي إلى أن حزب الله يواجه خيارًا استراتيجيًا صعبًا، حيث قد يبرز انقسام داخلي بين تيارين: أحدهما يدعو إلى إنهاء مرحلة الارتباط بمحور المقاومة، الذي تسبب في جر لبنان إلى الدمار، والآخر يسعى للإبقاء على هذا النهج، مستغلًا المحور كأداة لتحقيق أجندات داخلية، تبدو في ظاهرها مقاومة، بينما تهدف في الواقع إلى فرض أجندات سياسية وعسكرية على الداخل اللبناني لتحقيق مكاسب سياسية.
وفيما يتعلق بتداعيات اتفاقية وقف إطلاق النار على الصعيد الإقليمي، أوضح ماضي أن المرحلة المقبلة قد تشهد تخليًا تدريجيًا من قبل النظام السوري عن حزب الله، حفاظًا على مصالحه وبقائه في السلطة، وهو ما يستدعي اتخاذ إجراءات جدية من قبل الحكومة اللبنانية فيما يتعلق بوجود الحزب على الساحة الداخلية.
وأضاف أن من أبرز هذه التداعيات الاعتراف الرسمي من قبل حزب الله وإيران بفك الارتباط بين جبهتي قطاع غزة ولبنان، مما يشير إلى حالة جديدة من إعادة التموضع السياسي في المنطقة.
إيران ليست مهتمة بـ “وحدة الساحات”
ولفت ماضي إلى أن إيران لم تعد تولي اهتمامًا كبيرًا بمفهوم “وحدة الساحات”، بل تسعى لتقليصه إلى مجرد “وحدة الإسناد”. وأشار إلى أن مكانة إيران ستتراجع بشكل ملحوظ لدى الحاضنة السنية، التي ترى فيها الداعم الأساسي للمقاومة الفلسطينية وغيرها.
وأضاف “إيران تحاول الحفاظ على مصالحها في المنطقة من خلال أذرعها القوية، وعلى رأسها حزب الله” ؛ وأوضح أن إيران لم تكن ترغب في أن يصل حزب الله إلى هذه الحالة الصعبة، التي نتجت عن تدمير إسرائيل للبنى التحتية، العسكرية والسياسية للحزب، ما أدى أيضًا إلى تآكل البيئة الاجتماعية الحاضنة له داخل لبنان، والتي كانت تشكل مصدر دعم له على المستوى الدولي.
وبيّن ماضي أن إيران قد تسعى إلى تغيير موقفها السياسي وتعديل استراتيجيتها في تقديم الدعم، مع محاولة الإيحاء بعدم التخلي عن نهجها السابق. ومع ذلك، يرى أن الواقع قد تغير، ولم يعد بإمكان إيران الحفاظ على دورها كركيزة أساسية في المحور الذي عملت على بنائه طويلًا، بهدف توحيد جهود حركات المقاومة وميليشياتها، التي استُخدمت لأغراض سياسية أكثر من كونها سعيًا حقيقيًا لتحرير الأرض.
المشهد لا يزال ضبابيا ..
وفيما يتعلق بمرحلة ما بعد الحرب في لبنان، أوضح ماضي أن حزب الله يواجه ضغوطًا دولية كبيرة، حيث سيُسلط المزيد من الاهتمام على لبنان لضمان عدم تمكين الحزب من تعطيل الدولة اللبنانية لخدمة المصالح الإيرانية وأجنداتها الداخلية.
وأشار إلى أننا قد نشهد مواقف داعمة للبنان كدولة وحكومة من قبل الولايات المتحدة وفرنسا وبعض الدول العربية، بهدف قطع الطريق أمام حزب الله ومنعه من السيطرة مجددًا على مصير البلاد.
واختتم ماضي بقوله إن المشهد لا يزال ضبابيًا، إلا أن هذه السيناريوهات مرجحة وقد تتجلى في الأيام المقبلة. وأكد أن حزب الله قد يظل أشبه بـ”رمال متحركة”، فيما يتعلق بدوره كقوة مؤثرة داخل النسيج اللبناني وفي المنطقة ككل.