* الدعجة: المجلس الحالي يغلفه الطابع الحزبي؛ لكنه نسخة مكررة عن المجالس السابقة؛ معظم أعضاء المجلس ينتمون إلى لون حزبي واحد أقرب إلى التيار الوسطي
* العياصرة: تصويت الثقة لحكومة حسان سيستند إلى قاعدة الائتلافات والكتل؛ والعمل الكتلوي بدأ يترسخ داخل المجلس
قرر رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، دعوة المجلس للانعقاد في تمام الساعة 10 من صباح يوم غد 1/12/2024، وذلك لمناقشة جدول أعمال الجلسة الثالثة من الدورة العادية.
وتتضمن الجلسة الاستماع الى البيان الوزاري لحكومة الدكتور جعفر حسان سنداً لأحكام المادة “53” من الدستور، يلي ذلك مناقشة البيان الوزاري من قبل النواب، ومن ثم التصويت على الثقة سندا لأحكام المادة “53” والبند “4” من المادة “84” من الدستور وعملا بأحكام البند “2” من الفقرة “أ” من المادة “86” من النظام الداخلي لمجلس النواب.
بيان الثقة للحكومة؛ يُظهر أهمية المواجهة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في هذه المرحلة، حيث يمنح الدستور السلطة التشريعية حق ممارسة استحقاقاتها الدستورية المتمثلة في منح أو حجب الثقة عن الحكومة أو أي من وزرائها.
كما يدفعنا إلى تحليل توجهات النواب والأحزاب السياسية بشأن التصويت، والتساؤل عما إذا كانت الأصوات ستخضع للتحالفات الحزبية أم للقراءات الشخصية؛ لا سيما أننا اعتدنا في المجالس السابقة على أن تكون توجهات النواب منفردة، يغلب عليها “الطابع الشخصي”، وتطغى عليها المصالح أحيانًا.
حكومة حسان .. بوادر “إيجابية”
يُعرف نظام منح وحجب الثقة عن الحكومة ووزاراتها والوزراء بأنه عملية إضفاء الصفة الشرعية الدستورية على الحكومة، إلا أن استمراريتها تعتمد بشكل أساسي على قدرتها على الحفاظ على ثقة أعضاء مجلس النواب، حيث يتم التصويت إما بـ “منح” أو “حجب” الثقة.
أما فيما يتعلق بشخصية رئيس الوزراء د. جعفر حسان، فلا شك بأنها تحظى بتأييد واستحسان شعبي، وهو ما تبين من ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى الجولات الميدانية وظهوره الإعلامي؛ ورغم أن هذه العوامل لا تكفي وحدها لنيل ثقة المجلس، إلا أنها تشير إلى بوادر “إيجابية”.
الدعجة: المجلس الحالي يغلفه الطابع الحزبي؛ لكنه نسخة مكررة عن المجالس السابقة
وفي تعليقه على توجهات أصوات النواب، أوضح أستاذ العلوم السياسية د.هايل الدعجة في تصريح خاص لـ “نخبة بوست” أن انتخابات رئاسة المجلس والمكتب الدائم قد أظهرت ملامح الأداء المتوقع من المجلس، والانطباع الذي سيتكون لدى المواطن عنه، والذي لن يرقى إلى مستوى طموحاته وتطلعاته.
وأضاف الدعجة أن معظم أعضاء المجلس ينتمون إلى لون حزبي واحد، أقرب إلى التيار الوسطي، مما يجعل الميول والخلفيات الرسمية تطغى على عناصره؛ كما أن غياب البرامج الواضحة والخبرات الحزبية والتنظيمية لدى النواب قد يصب في مصلحة الحكومة، من خلال منحها الثقة بنسبة مشابهة لتلك التي ظهرت في انتخابات الرئاسة.
وأشار إلى أن هذا التوجه قد يستمر عند مناقشة مشروع الموازنة وأي قوانين وتشريعات أو سياسات حكومية أخرى.
العياصرة: تصويت الثقة لحكومة حسان سيستند إلى قاعدة الائتلافات والكتل
من جهته، قدّم عضو مجلس الأعيان د. عمر العياصرة تصورًا مختلفًا؛ حيث اعتقد أن التصويت على منح الثقة لحكومة الدكتور جعفر حسان سيستند إلى قاعدة الائتلافات والكتل، بدلًا من النظام الفردي الذي كان سائدًا سابقًا.
وأرجع العياصرة ذلك إلى نتائج انتخابات رئاسة مجلس النواب، حيث صوّت 105 نواب لصالح الصفدي، مما عكس تماسكًا في الائتلافات والكتل البرلمانية.
وأوضح العياصرة أن هذا النمط من التصويت سيُعاد إنتاجه عند منح الثقة للحكومة الجديدة، متوقعًا أن يكون ذا طابع جماعي وائتلافي.
وبرّر رأيه لسببين رئيسيين:
- الأول فيرجع إلى وجود معارضة ذات قاعدة معقولة ومتماسكة، مثل كتلة الإخوان المسلمين وبعض القوى التي قد تتحالف معهم.
- أما السبب الثاني بحسب العياصرة فيكمن بأن العمل الكتلوي بدأ يترسخ داخل المجلس، رغم وجود بعض التحفظات بشأن احتمال تبني بعض النواب لنظام التصويت الفردي، الذي قد يبرز في مواقف معينة.
مجلس النواب الـ 20 .. “كتلوي”
المراحل السابقة من ولادة المجلس العشرين بحلته الحزبية الجديدة، ومروره بمراحل الاكتمال بدءًا من خطاب العرش، ثم انتخاب رئيس المجلس والمكتب الدائم، وصولًا إلى تشكيل اللجان الدائمة التي يبلغ عددها 20 لجنة، من شأنه أن يعطينا فكرة أولية حول طبيعة مجلس النواب الجديد، الذي يتسم بالطابع الكتلي وليس الفردي.
فاجتماع جبهة العمل الإسلامي مع رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي ونائبه الأول مصطفى الخصاونة مؤخرًا، والذي أسفر عن ضم عضوين على الأقل من الجبهة في كل لجنة نيابية دائمة، قد يوضح اهتمام المجلس بإعطاء الأولوية للأحزاب والكتل.
إلا أنه يرى كثيرون أن عملية اختيار رئيس مجلس النواب نفسها جاءت بطابع كتلي، ولكن وفق أسلوب المجالس السابقة.
رد النواب على بيان الثقة
أما فيما يتعلق بمرحلة خطابات النواب التي تلي هذه المراحل، فمن المقرر أن تبدأ بعد أن تعرض الحكومة بيان الثقة على المجلس، وذلك يوم الأحد المقبل الموافق 30 تشرين الثاني الحالي.
خلال هذه المرحلة، يتعين على جميع النواب الاطلاع على بيان الثقة ومناقشته، ثم توجيه ملاحظاتهم للحكومة، التي ستقوم بدورها بالرد على تلك الملاحظات؛ هذه العملية غالبًا ما يغلب عليها الطابع الفردي، حيث تتأثر مواقف النواب بأهوائهم ومصالحهم الشخصية، وأحيانًا بعواطفهم.
كما ستكشف هذه المرحلة عن مدى التوافق بين الخطابات النظرية التي تُلقى على المنصات وبين الأفعال الحقيقية؛ ففي المجالس السابقة، شاهدنا العديد من الخطابات الناقدة للبيان الحكومي، إلا أن مواقف بعض النواب عند التصويت كانت تتناقض مع تصريحاتهم؛ إذ يسعى البعض إلى إرضاء قواعدهم الانتخابية أو تحسين صورتهم الإعلامية.
وعند الوصول إلى مرحلة التصويت على منح الثقة أو حجبها، قد يتغير الأداء التصويتي مقارنة بما قيل على المنصة؛ ويواجه النائب في هذه المرحلة خيارين: إما الالتزام بموقف كتلة حزبية ذات برنامج واضح، وهو أمر نادر في البرلمان، أو الخضوع لضغوط خارج قبة المجلس.
مجلس نيابي بحلة جديدة فهل يدرك أعضائه ذلك؟
تتجه الأنظار اليوم إلى مجلس النيابي مختلف تسوده روح العمل الكتلوي الجماعي الحزبي، وهو ما أكّد عليه جلالة الملك في خطاب العرش الذي ألقاه خلال افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة العشرين.
وبالتالي، يُتوقع أن تنبثق توجهات التصويت للنواب من مدى توافق برامجهم الحزبية ورؤاهم مع بيان الثقة الذي ستعرضه الحكومة أمامهم.
هذا هو الطموح الذي يسعى لتحقيقه مشروع التحديث السياسي منذ انطلاقه؛ إذ يمنح قيام التكتلات والائتلافات قوة ومكانة سياسية تُعزز قدرتها على الدفاع عن برامجها ورؤاها، فضلًا عن توحيد مواقف النواب تحت مظلة واحدة.