الحنيطي: التصعيد الحالي يخدم حظوظ ترامب الانتخابية؛ قدوم ترامب إلى المشهد السياسي مرة أخرى يعجّل في تنفيذ ما يطمح إليه نتنياهو
السبايلة: الناخب الامريكي يتأثر بالشأن الداخلي فقط؛ من الواضح أن المرحلة الحالية لم تعد تحمل في طياتها فروقات كبيرة في المواقف الداعمة لإسرائيل بين ترامب وهاريس
أبو هنية: القضايا الداخلية هي من تحسم قرار الناخب الأمريكي؛ ملفي الشرق الأوسط وحرب غزة لن يؤثرا بشكل كبير على الانتخابات الأمريكية
نخبة بوست – أماني الخماش
مع بدء العد التنازلي لموعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية والتي من المزمع عقدها في الخامس من تشرين الثاني المقبل، تزداد حدة المنافسة بين المرشحين، وسط سباق محتدم للوصول إلى البيت الأبيض بين الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية كامالا هاريس.
وأظهرت نتائج استطلاع جديد أجرته شركة “مورنينغ كونسلت” الأمريكية تقدم نائبة الرئيس الحالي جو بايدن، كامالا هاريس، على منافسها الرئيس السابق دونالد ترامب، بأربع نقاط، وبنسبة 50% لصالح هاريس مقابل 46% لصالح ترامب.
وعلى صعيد آخر، أظهرت نتائج استطلاع أجرته صحيفة “تليجراف” البريطانية إمكانية فوز ترامب بولاية ثانية، حيث أظهرت النتائج تقدم ترامب في معظم الولايات السبع المتأرجحة.
وبحسب الخبراء والمحللين، فإن هذه الولايات لديها قدرة كبيرة على تغيير نتائج الانتخابات وعكس مسارها، ومن خلال ذلك يسعى كلا المرشحين لاستقطاب أصوات الناخبين في هذه الولايات.
محللون: ترامب يستثمر في ورقة الحرب الاسرائيلية
من خلال البحث في خطط ترامب الانتخابية، يجد المحللون أنه يحاول الاستثمار في ورقة الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، ليضرب بذلك عصفورين بحجر واحد.
وفي ضوء استعراضه نتائج فترة رئاسته السابقة، التي عمل خلالها على أن يكون للحل السياسي الكلمة الفصل، بالإضافة إلى تجنيب المنطقة الصراعات والحروب لتعزيز مفهومي السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، يطمح ترامب إلى التأثير على قرار المطالبين بوقف الحرب وجذب أصواتهم إلى صناديق الاقتراع.
وبالتوازي مع ذلك، وفي محاولة للتأثير على المؤيدين لإسرائيل، يرفع ترامب شعارات داعمة لتل أبيب، مشيرًا إلى أنه استطاع خلال فترة حكمه نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وتمكن أيضًا من إبرام صفقة القرن، والتي تمخضت عنها موجة تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.
الحنيطي: التصعيد الحالي يخدم حظوظ ترامب
وفي هذا الصدد، بيّن الخبير المختص بالشأن الإسرائيلي د. أيمن الحنيطي في تصريح خاص لـ “نخبة بوست” أن ما يحصل في المنطقة من تصعيد إسرائيلي واضح من قبل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يعكس عزمه على رفع حظوظ المرشح الجمهوري دونالد ترامب للعودة إلى سدة الرئاسة الأمريكية.
وأشار إلى أن نتنياهو معروف بأنه من أشد الإسرائيليين تمسكًا بالأيديولوجية الصهيونية، ويؤمن بمقولة حزب “الليكود” بأن الضفتين لهما. وهو يعد عودة ترامب هدفًا أساسيًا سعى إليه منذ عدة أشهر، واتضح ذلك من خلال رفضه للصفقات ولوقف الحرب، حيث تدل المؤشرات على أن نتنياهو يقترب من تحقيق ما يصبو إليه.
ولفت الحنيطي إلى أن نتنياهو وترامب عملا على نقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس، وهذا إنجاز يسجل لهما على مستوى المخطط الصهيوني. كما عملا على إتمام صفقة القرن وما تبقى من أجزائها، وفي ضوء ذلك، سيعمل نتنياهو على تطبيق سيناريو ضم الضفة الغربية الذي يجري على قدم وساق.
وأضاف: “قدوم ترامب إلى المشهد السياسي مرة أخرى يعجل في تنفيذ ما تطمح إليه عصابة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن القومي أيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش“.
وفيما يتعلق بأثر التصعيد الحاصل في المنطقة على حظوظ ترامب في الانتخابات، بين الحنيطي أن ما يحدث في المنطقة يمنع جهود بايدن للوصول إلى حل سياسي. ويدرك نتنياهو أن ذلك من شأنه أن يخدم ترامب، الذي تكمن مصلحته في أن يبقى التصعيد مستمرًا، لا سيما مع اقتراب الانتخابات الأمريكية.
كما أشار إلى أن نتنياهو قارئ جيد للساحة الأمريكية، فقد بدأ حياته السياسية كملحق سياسي في السفارة الإسرائيلية في واشنطن، وهو على دراية بأدق تفاصيل المجتمع الأمريكي. وفي ضوء ذلك، يمتلك قدرة على التلاعب بالساحتين الإسرائيلية والأمريكية في آن واحد، وهناك تنسيق يجري بين نتنياهو وترامب على العلن وتحت الطاولة.
وأضاف قائلاً: “هناك مؤشرات تدل على ترجمة المخطط الصهيوني على أرض الواقع، من خلال اتباع إسرائيل استراتيجية الذبح والقتل في غزة، وفي الضفة الغربية، حيث تعمل على تهجير سكانها الأصليين. وبعض الروايات تتحدث عن عصابات صهيونية تعمل على تهجير وإفراغ الضفة الغربية والقدس من سكانها، من خلال إغرائهم بالخروج باتجاه أوروبا“.
السبايلة: الناخب الامريكي يتأثر بالشأن الداخلي فقط
بدوره؛ قال المحلل السياسي د. عامر السبايلة أن العامل المؤثر على قرار الناخب الأمريكي هو الشأن الداخلي فقط، مثل الإعصار الذي حدث، والآلية التي يتم من خلالها إدارة الأزمة، وهذا الملف من شأنه أن يضر بالديمقراطيين.
وفيما يتعلق بتأثير الملف الإسرائيلي على الانتخابات الأمريكية، أشار السبايلة إلى أن هذه الورقة أساسية، ولكن من الواضح أن المرحلة الحالية لم تعد تحمل في طياتها فروقات كبيرة في المواقف الداعمة لإسرائيل والساعية لتثبيتها بين الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري.
وأضاف: “أي مناخ يسوده الحرب في النهاية هو مناخ جمهوري، ويدعم فرص الحزب في الوصول إلى الرئاسة”.
وأشار السبايلة إلى أن إطالة أمد الحرب وتأمين إسرائيل بشكل أكبر يصب في مصلحة الحزب الجمهوري أكثر من الديمقراطيين. ومع ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن الأيام القادمة مليئة بالأحداث التي ستكون مفتوحة على فكرة الاستفادة من كلا الطرفين.
أبو هنية: القضايا الداخلية هي من تحسم قرار الناخب الأمريكي
من جهته، قال الباحث في مجال الفلسفة السياسية والفكر الإسلامي حسن أبو هنية إن ملفي الشرق الأوسط وحرب غزة لن يؤثرا بشكل كبير على الانتخابات الأمريكية، حيث يوجد نوع من التنافس الشديد بين المرشحين دونالد ترامب وكمالا هاريس.
وفي ضوء ذلك، لا توجد فوارق كبيرة بينهما، إذ إن من يحسم الانتخابات الأمريكية هي الولايات المتأرجحة البالغ عددها 6 ولايات، خاصة ولاية ميشيغان التي تضم وجودًا عربيًا كبيرًا، بحسب أبو هنية.
وأشار أبو هنية إلى أنه لا يوجد حسم في قرار الناخب الأمريكي، كما أن المشهد يتسم بالتردد. ورغم دعم الرئيس الحالي جو بايدن غير المحدود لإسرائيل، وتقدم كمالا هاريس التي تبدو في حال أفضل من منافسها دونالد ترامب، إلا أن الأمور لا تزال متساوية، ومن الصعب معرفة من الذي سيفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
لافتًا إلى أن ترامب قدم الكثير لإسرائيل في فترة ولايته السابقة، وكان عاملاً رئيسياً في إتمام صفقة القرن، وإبرام الاتفاق الإبراهيمي بين إسرائيل والدول العربية. بالإضافة إلى نقله السفارة الأمريكية إلى القدس، وضم الجولان إلى إسرائيل، وسعيه لضم غور الأردن. ومن هذا المنطلق، يفضل نتنياهو عودة ترامب.
وفيما يتعلق بدعم الحزب الديمقراطي الموجه إلى إسرائيل، بين أبو هنية أن الرئيس الحالي جو بايدن، ممثل الحزب الديمقراطي، قدم دعمًا كبيرًا لإسرائيل، وانعكس ذلك من خلال المساعدات العسكرية التي وُجهت إليها، بالإضافة إلى إرسال البوارج والسفن الحربية منذ اليوم الأول بعد السابع من أكتوبر إلى الشرق الأوسط. كما عمل على تقديم مساعدات اقتصادية لتل أبيب، وتوفير غطاء سياسي لإسرائيل في المنابر الدولية. وفي ضوء ذلك، لا توجد أي فوارق في تعاطي الحزبين مع ملفات حرب غزة والشرق الأوسط وملف إيران.
وأشار إلى أن أمريكا، بحزبيها الديمقراطي والجمهوري، تنحاز إلى إسرائيل على جميع الأصعدة. ورغم أن ترامب يعبر عن رغبته في وقف الحرب في غزة، إلا أنه لا يوضح الآلية المتبعة لوقف الحرب، وهذه الشعارات تندرج تحت مسمى الدعاية الانتخابية.
انقسامات ومصالح تحدد خيار الناخب الأمريكي
بالمحصلة؛ يضم الشارع الأمريكي مزيجًا من الجنسيات والقوميات والأعراق المختلفة، حيث يتمتع جميعهم بحق الانتخاب، مما يخلق تباينًا في قرارات الناخبين تبعًا لمصالحهم والقضايا التي يؤمنون بأهميتها.
فهناك من يعتبر القضايا الداخلية في صدارة أولوياته، فيختار المرشح الأنسب لمعالجة الملفات المحلية، فيما يرى آخرون أن الشؤون الخارجية تلعب دورًا رئيسيًا في تشكيل مواقفهم تجاه الانتخابات.
ومع استمرار الحرب على غزة ولبنان، ينظر المهتمون بقضايا الشرق الأوسط في أمريكا، والمنقسمون بين مؤيد لإسرائيل ومعارض لها، إلى أن أمريكا ما تزال صاحبة الدور الأقوى في تحديد مصير المنطقة، رغم الحديث المتزايد عن عالم متعدد الأقطاب؛ فهي تمتلك قدرة التأثير على مسار الأحداث من خلال دعمها لإسرائيل لتحقيق أهدافها العسكرية، أو بوقف هذا الدعم، مما قد يسهم في إنهاء الحرب؛ هذا التوازن سيظل حاضرًا في حسابات الناخب الأمريكي عند اتخاذ قراره الانتخابي.