نخبة بوست – محرر الشؤون السياسية
بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي أمس عملية “توغل” برية محدودة في جنوب لبنان تستهدف البنية التحتية لحزب الله، وسط تحليق مكثف للطيران وقصف مكثف بالمدرعات والدبابات على مناطق الجنوب.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان أن عملية “السهام الشمالية” محددة ضد أهداف لحزب الله، وأنها ستستمر “وفقا لتقييم الوضع”.
وذكر جيش الاحتلال، أنه بدأ “مداهمات محدودة ومستهدفة لحزب الله في منطقة الحدود بجنوب لبنان”، مشيرا إلى أن هذه الأهداف “تقع في قرى قريبة من الحدود، وتشكل تهديدا مباشرا للتجمعات السكانية في شمال إسرائيل”، بحسب نص البيان.
التوغل البري الاسرائيلي في لبنان .. محطة هامة
يشكل التوغل البري الإسرائيلي في لبنان محطة هامة في تطورات الصراع العسكري بين إسرائيل وحزب الله، حيث يعكس هذا التحرك مرحلة جديدة من التصعيد الميداني.
التوغل يعبر عن رغبة إسرائيل في تحقيق مكاسب استراتيجية من خلال التواجد على الأرض، إلا أن هذه الخطوة تحمل في طياتها تحديات كبيرة، خاصة مع طبيعة المقاومة التي يتبناها حزب الله، المعتمد على تكتيكات حروب العصابات، والمعرفة العميقة بجغرافية المنطقة.
وفي ظل غياب المعلومات الدقيقة حول استعدادات المقاومة وردود فعلها، يبدو أن التقدم الإسرائيلي يتسم بالحذر، ما يثير التساؤلات حول قدرة قوات الاحتلال على تحقيق أهدافها دون الانغماس في حرب استنزاف طويلة الأمد.
حزب الله يعلن جاهزيته للمواجهة المباشرة .. وإيران ترد بهجوم صاروخي على تل أبيب
أصدر حزب الله تصريحات قوية في أعقاب التوغل البري الإسرائيلي في جنوب لبنان يوم الاثنين. إذ أكد الحزب أن قواته “جاهزة لمواجهة مباشرة” مع الجيش الإسرائيلي، مع التأكيد على أن العمليات الإسرائيلية تستهدف مواقع في القرى الحدودية.
و على الرغم من ذلك، لم يتم تأكيد اشتباكات مباشرة بين قوات حزب الله والقوات الإسرائيلية حتى اللحظة؛ ورد الحزب على التوغل بإطلاق صواريخ باتجاه مناطق في شمال إسرائيل، بما في ذلك مدينة حيفا ومواقع عسكرية أخرى، حيث أطلقت صواريخ من نوع فادي 4 على مواقع استخباراتية إسرائيلية قرب تل أبيب.
و أكد حزب الله في بيانه أن الاستعداد للمواجهة مستمر رغم الاغتيالات التي استهدفت قادته، بما في ذلك اغتيال الأمين العام حسن نصر الله، وأشار ناطق باسم الحزب إلى أن مقتل نصر الله لن يؤثر على القدرات العسكرية للمقاومة، مؤكدًا أن هناك قادة بدلاء جاهزين لتولي القيادة إذا اقتضى الأمر.
وجاءت هذه التصريحات وسط تصاعد التوترات الإقليمية، حيث تستمر الغارات الإسرائيلية على مواقع متعددة في لبنان، بما في ذلك مناطق جنوب بيروت ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين في صيدا.
و في إطار الرد على اغتيال المين العام لحزب الله حسن نصر الله، أطلقت إيران ما يتعدى الـ 200 صاروخ على إسرائيل يوم الثلاثاء، مستهدفة مدنًا كبرى مثل تل أبيب والقدس.
ويأتي هذا التصعيد كرد على اغتيال نصر الله، الذي كان ضربة قوية لحزب الله ومحور المقاومة؛ إذ الضربات الإيرانية كانت موجهة نحو قواعد عسكرية ومواقع استخباراتية إسرائيلية، وسط تأكيد إيراني بأن هذا الهجوم هو انتقام لمقتل قيادات في المقاومة.
وأثارت العملية موجة من الهلع في المدن الإسرائيلية، وتسببت في إصابات، بينما انطلقت صفارات الإنذار في عدة مناطق.
وبالتزامن مع هذه التطورات، دعت عدة دول ومنظمات دولية إلى وقف التصعيد؛إذ حذرت الولايات المتحدة، التي دعمت إسرائيل في عملياتها ضد حزب الله، من أن استمرار الصراع قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في المنطقة.
كما أعلنت الأمم المتحدة أنها تراقب الوضع عن كثب، مع تحذيرات من أن أي اجتياح واسع النطاق قد يؤدي إلى كارثة إنسانية في لبنان.
و تشير هذه التطورات إلى أن الصراع قد يدخل مرحلة جديدة من التصعيد، خاصة مع انخراط إيران بشكل مباشر في الهجمات ضد إسرائيل.
بطء التوغل الإسرائيلي بسبب تكتيكات المقاومة وغياب المعلومات الدقيقة
وفي هذا الصدد ، صرح الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد في تصريح خاص لـ “نخبة بوست” إن التوغل البري حتى الآن تقوده قوات الكوماندوز من فرقة المظليين 98.
وأشار إلى أن الاحتلال لم يستخدم المدرعات بسبب عدم توفر معلومات دقيقة حول ردود فعل المقاومة، أو تقديرات دقيقة عن تأثير الضربات الجوية على الكفاءة القتالية لعناصر حزب الله في الميدان؛ هذا يفسر بطء تقدم قوات الاحتلال منذ ساعة الصفر في الثالثة فجر اليوم وحتى ساعات الظهر.
وبحسب أبو زيد يمكن إبراز نقاط القوة للطرفين كما يلي:
ختاماً، في ظل هذا التصعيد المتواصل بين إسرائيل وحزب الله، يمكن القول أن التطورات الأخيرة تشير إلى مرحلة جديدة من الصراع المستمر. الاجتياح البري الإسرائيلي في جنوب لبنان والضربات الجوية المركزة تأتي كجزء من جهود إسرائيل لشل قدرات حزب الله العسكرية، بينما يرد الحزب بإصرار على مواجهة مباشرة، في ظل دعم إيراني واضح.
وفي المقابل، يواجه الاحتلال تحديات كبيرة على الأرض، أبرزها تكتيكات المقاومة التي تعتمد على المناورة والمعرفة بجغرافيا المنطقة، مما يفسر التقدم البطيء للقوات الإسرائيلية. ومع تصاعد حدة الاشتباكات، تتزايد المخاوف من تفاقم الأوضاع الإنسانية في لبنان، حيث إن أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى كارثة إقليمية واسعة.
وفي النهاية، تعكس هذه التطورات تصعيدًا قد يمتد إلى المنطقة بأسرها، مما يجعل الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار أكثر إلحاحًا. وفي الأيام المقبلة، سيظل الوضع متوترًا، مع احتمالية تصعيد أكبر إذا لم يتم الوصول إلى حلول دبلوماسية عاجلة.
اكتشاف المزيد من نخبة بوست
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.