نخبة بوست – فريق تحليل مكانة 360
على مدى العقود الماضية، اعتمدت التوقعات الانتخابية على استطلاعات الرأي التقليدية كنموذج رئيسي للتنبؤ بنتائج الانتخابات. ولكن في السنوات الأخيرة، بدأت تلك النماذج في إظهار عيوب خطيرة، خاصة مع بروز دور الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي كمنصات للتعبير عن الرأي العام. الانتخابات البرلمانية في الأردن قدّمت نموذجاً حياً لهذه الإشكالية، حيث توقعت معظم الاستطلاعات التقليدية أن تحقق جبهة العمل الإسلامي (IAF) نحو 10 إلى 12 مقعداً في البرلمان على أقصى تقدير أما الاستماع الرقمي فكان قد توقع بحدود 18 مقعدا. ولكن ما لم توضحه هذه الاستطلاعات هو أين أخطأت التوقعات.
عند تحليل الاستطلاعات التقليدية التي أجريت في مختلف المراكز الانتخابية، أظهرت أن جبهة العمل الإسلامي ستحصل على ما بين 12% و14% من إجمالي الأصوات، بينما توقعت أن تأتي حزب إرادة بنسبة 7 – 7.5% في المرتبة الثانية، يليها الميثاق الوطني بنسبة حوالي 7%. هذه التوقعات كانت مبنية على أدوات تقليدية تستند إلى عينات صغيرة من الناخبين وتعميمها على باقي الناخبين، لكنها لم تستطع استيعاب التغيرات الديناميكية في المزاج الشعبي أو تأثير التعبئة الرقمية التي تغير شكل الرأي العام بشكل أسرع بكثير من أي وقت مضى.
أدوات الاستماع الرقمي: المؤشر الأوضح للتوجهات
استناداً إلى أدوات الاستماع الرقمي في شركة مكانة 360، قمنا بتحليل ملايين المحادثات والتفاعلات الرقمية عبر الإنترنت على مدار الشهرين الماضيين، وتوصلنا إلى أن جبهة العمل الإسلامي كانت تهيمن بشكل واضح على الخطاب الرقمي، حيث سجلت نسبة تفاعل إيجابي تتراوح بين 36% و40% عبر مختلف المنصات الرقمية. وفي المقابل، لم تتجاوز الميثاق الوطني نسبة 10% من التفاعل الإيجابي يليها حزب إرادة حوالي 9%.
هذا الفارق الضخم في التفاعل الرقمي كان مؤشراً دقيقاً على سلوك الناخبين في الواقع. ومع حلول يوم الانتخابات، جاءت النتائج لتؤكد صحة تحليلاتنا؛ حيث حصلت جبهة العمل الإسلامي على ما يقارب 460 ألف صوت، أي ما يعادل أربعة أضعاف ما حصل عليه حزب الميثاق الوطني الذي لم يتجاوز 94 ألف صوت. هذه الفجوة الكبيرة بين استطلاعات الرأي التقليدية والنتائج الحقيقية تشير بوضوح إلى قصور الأدوات التقليدية في قراءة المزاج العام.
وفي هذا السياق، علق عبدالرحمن الحسامي، الرئيس التنفيذي لشركة مكانة 360، أنه “لم تقتصر أدواتنا على قياس الرأي العام بشكل سطحي، بل تعمقت في تحليل الحوارت والتفاعلات الحقيقية والمشاعر التي عبر عنها الناخبون حول الانتخابات عبر منصات التواصل الاجتماعي. هذه المقاربة أتاحت لنا الحصول على رؤى أكثر عمقاً عن توجهات الناخبين، مع تجنب المخاطر المرتبطة بتحيز المحاور أو خوف الذي يتم سؤاله في الاستطلاع وأثر هوثورن، مما يعطينا صورة أكثر دقة وغير مفلترة عن آراء الناخبين الحقيقية. هذه الأدوات أثبتت فعاليتها مقارنة بالاستطلاعات التقليدية التي فشلت في تحقيق هذه الدقة.”
الفرصة في المستقبل: الاستماع الرقمي كأداة حاسمة
إذن، ماذا يعني هذا بالنسبة لمستقبل التنبؤ بالانتخابات؟ في الأردن وخارجها، يمثل التحليل الرقمي فرصة غير مستغلة للتنبؤات الأكثر دقة. من خلال مراقبة كيفية تفاعل الناس مع المحتوى السياسي عبر الإنترنت، يمكننا الحصول على صورة أكثر وضوحاً وديناميكية عن توجهات الناخبين. لقد أثبتت أدوات الاستماع الرقمي قدرتها على التنبؤ الدقيق بتوجهات الناخبين، وهو ما فشلت فيه استطلاعات الرأي التقليدية.
الفرصة هنا واضحة للمحللين السياسيين والباحثين: تبني أدوات الاستماع الرقمي يعني فهم أعمق لسلوك الناخبين، تنبؤات أدق، واستراتيجيات أكثر فاعلية في الانتخابات وصياغة.
اكتشاف المزيد من نخبة بوست
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.