نخبة بوست – اليوم مع اهتمام الشارع الأردني بامتحانات الثانوية العامة؛ خصوصا مع التوجه نحو تغيير شكل الامتحان في السنوات المقبلة القليلة؛ نجد أن من الضروري تقديم قراءة تقييمية لنسب النجاح، وربطها مع مخرجات التعليم خصوصا في ظل التوجه نحو التعليم التقني، متزامنا مع تطوير كافة أدوات التعليم الحديث.
في قراءة لـ ” نخبة بوست” لنسب النجاح في الثانوية العامة في السنوات العشر الأخيرة -والمنشورة على موقع وزارة التربية والتعليم- تشير هذه النسب الى انهيار في الأعوام 2014/2015 ؛ ومن ثم زيادة تدريجية منذ عام 2015/2016 لتصل الى مرحلة التوازن بنسبة 50% في العام 2018 من ثم نشهد زيادة متتالية منطقية فيها وصولاً الى العام 2023.
هذه الأرقام والتي تشير الى دراسة ارتفاع نسب النجاح في الثانوية العامة في السنوات الخمس الأخيرة؛ تدعو الى البحث في أسباب ارتفاع نسب النجاح دون التأثير على جودة التعليم او مخرجات الثانوية العامة، والتي حققت عددا من الاثار الإيجابية؛ ومنها الدليل على قوة مخرجات المدارس؛ وقدرة العملية التعليميّة على أداء وظيفتها على أكمل وجه.
في قراءة أسباب ارتفاع نسب النجاح؛ نجد أن الدور الرئيسي كان لاستراتيجيات التعليم الموائمة للمستوى التعليمي للطلبة والتي تضمن له تطوير مهاراته وحصيلته المعرفية، ويراعي من خلالها الاحتياجات الفردية لديه، ومتابعته من خلال الخطط العلاجية ضمن إطار زمني مدروس للحيلولة دون تعثر الطلبة.
كما كان للمتابعة والتقييم لكافة الأسئلة، لتكون شاملة ومتوازنة ومن داخل الكتاب المدرسي المقرر ومناسِبة لقدرات الطلبة المختلفة، حيث بدى ذلك واضحا من خلال التغذية الراجعة؛ وتطبيق ما يسمى في علم القياس والتقويم التربوي ب( معيار الصدق والثبات )؛ مما أثمر عن قياس حقيقي لقدرات الطلاب وفق الفروق الفردية والتي يعتبر هرم بلوم التربوي أساسا لها وفق كافة الاستراتيجيات التربوية.
كما لوحظ تغييراً في نمط الأسئلة في السنوات الأخيرة حيث أدخلت منذ عام 2018 أسئلة الاختيار من متعدد وبنسبة تصل الى 100% في معظم المباحث؛ باستثناء اللغة العربية واللغة الإنجليزية والرياضيات، التي تصل فيها أسئلة الاختيار من متعدد الى 50% ؛ والتي من شانها ان تساعد الطالب على الاستذكار واسترجاع المعلومة وهذا ما يساعد على رفع نسب النجاح.
وشهدت السنوات الاخيرة اهتماما بدور الاسرة في دعم الأبناء وتوفير كافة الأجواء التي تُساعدهم على التميّز وتراعي قدراتهم المختلف؛ فشهدنا انفتاحاهاما على الاسرة والحرص على توعيتهم بدرجة لا تقل عن توعية أبنائهم؛ من خلال استخدام كافة الوسائل المتاحة.
واذا ما أردنا مقارنة نسب النجاح في الثانوية العامة مع الأنظمة التعليمية في المنطقة العربية والأنظمة الأجنبية، نجد أن نسب النجاح تزيد عن 70%، و75% وتصل إلى 80%، بينما نجد أن نسب النجاح في الأردن تتراوح في الأطر المنطقية وفق المقاييس المعتمدة تربويا على مستوى العالم؛ مع التأكيد أنه من الأجدر للطالب بعد 12 عاما أن يكون ناجحا.
إن تحقيق هذه النسب المتقدّمة؛ يعكس تناسب الاختبارات مع جميع مستويات الطلبة، وأنها حققت هدفها بقياس مستوياتهم الحقيقية ونسب تحصيلهم العلمي ومدى إلمامهم بالمناهج الدراسية، فضلًا عن الانسجام التام في الدور التبادلي بين الأسرة والمدرسة؛ داعين الى دراسة نسب النجاح ومعرفة الأسباب ومنها الاستراتيجية التربوية ووجود الكفاءات الوطنية القائمة على العملية التربوية لهو من الأسباب المباشرة في هذا التقدم، داعين الى عدم النظر الى المشككين والمقتنعين ان تدني نسب النجاح هو نجاح العملية التربوية، بل ان ازديادها هو الدليل الحقيقي للنجاح بعيدا عن الشعبويات.